من سجلات الشرطه....
انوثتى هى التى قتلته....
قصه حادث....
بقلم : عبد المنعم معوض.....
عندما انتقل ضابط البحث الجنائى ومعه فريق البحث الى مسرح الجريمه وجد سيده تعترف بتفاصيل جريمتها وهى ترتجف و تتحدث عن دوافعها
قالت لفريق البحث ..دعوني أقدم لكم نفسي دون خجل .. مرة فى حياتى أعيش كما أنا بلا رتوش .. أو مساحيق .. أو مشاعر نفسية ممزقة .. أريد أن أتحرر من كل القيود التى فرضها الناس على وجودى .. ومن قبل فرضتها أنا على نفسى .. مرة واحدة أتعامل كما أريد .. .. فوجئت بوحش داخلى...... لا عليكم من الوداعة والرقة وتظاهري بهما .. كل هذه أشياء تحملتها كما لو كانت جبلا
سوف أعترف بكل شيئ.. لن أخاف أن أظهر على حقيقتي ..
نعم أنا هكذا .. بل أكثر منه .. سقطت كل أقنعتى .. وصدقونى ليس لأننى تمزقت بارتكاب جريمتى .. ..إطلاقا .. ولكن هذه الاعترافات من أجل أن أكون صادقة مع نفسى .. سأتكلم بحرية تامة .. وأعرف أن البعض منكم يموت لو تنازل عن القناع الذى يرتديه .. لكن لا يهم .. لقد عشت حياة طويلة اصارع نفسى..
لقد عشت منذ طفولتى فى معاناة حقيقية .. كل يوم كأنه ألف عام .. حتى وأنا طفلة صغيرة .. يجب أن تلهو مثل كل الأطفال .. يجب أن تكون بريئة .. وألا تحمل أحزانا .. لكنى لم أكن مثلهم .. كان على أن أعيش مع أمى فى عذابها.. كانت ضحية للفقر والجمال ...
اختارها ابى لانها امرأة جميلة .. كان هذا هو شرطه الوحيد .. ولم يصدق أبى عندما عثر علىها.. جميلة وفقيرة .. كان يعتقد أنه وجد ضالته.. كان موظفا صغيرا وفقيرا مثل أمى .. ولم يكن يعرف أن المرأة الجميلة تتطلب أن يكون زوجها قويا يعرف كيف يحافظ عليها .. لكن أبى المسكين .. عاش المأساة كاملة .. صراعا دائما مع عيون وقحة .. كانت فى كل مكان .. ولم يقدرعليها ..شك فى أمى .. كان سلاحه الوحيد .. سجن أمى داخل أسوار من جحيم .. الشبابيك مغلقة .. والأبواب لا تفتح .. والتعامل مع الناس بحذر شديد .. ولم يدم طويلا ما أراده أبى وما لا تتحمل أية امرأة فى العالم .. فالجمال غالبا ما يكون مصدر دلال لكل امرأة لكنه عند أمى كان مصدر إذلال وعذاب
عاش أبى يخاف من الناس ولا يقترب منهم ..كان يرى عيون ذئاب.. أشكال غريبة من كل الأكاذيب .. وصل الشك إلى أقصى مدى له .. كانت الكارثة .. يخرج أبى فى الصباح إلى عمله ليعود مسرعا فى أقل من نصف ساعة.. يبحث فى كل مكان .. فى الدولاب .. فى الغرف ليضبط عشيق أمى .. كما يتوهم ابى .. لقد عاش مجنونا بجمال أمى وعيون الناس ولم يكن امامه الا ان يطلقها لكى يرتاح..
وكان طلاقها حكما لها بالإفراج .. لكنها لم تقاوم كثيرا .. خرجت من ظلام دامس إلى ضوء باهر .. بلا أى قيود .. وفى جو غريب ..ظهر فجأة أقارب لأمى لم أكن أعرف عنهم شيئا . شاهدت رجالا كثيرين يترددون علينا .... ويمضون .. ويعودون .. ولم أعرف سببا واحدا لكل هؤلاء. ..بعدها لم أغفر لأبى طلاقه لأمى..
دمر أشياء كثيره داخلى .. وكرهت أمى وجمالها .. ولن تصدقونى إذا قلت لكم إننى فى هذا الجو استطعت أن أقاوم ..وأن أتماسك .. وان أمنع نفسى من السقوط .. لكن الناس أحكامها سريعة .. أسرع من طلقات الرصاص .. كل الناس الذين تعاملت معهم كانوا إن حدثتهم عن الشرف حدثونى عن الرذيلة .. وإن تكلمت بصدق معهم حاولوا أن يشجعوا عندى الكذب .. إن وجدونى أمينة حاولوا أن يزرعوا فى داخلى الخيانة .. كلهم يريدون شيئا سهلاً وسريعا .. ورغم كل هذا كانت لدى رغبة فى أن أحيا .. ولم أسقط كما يريدون ...
واستمر ذلك إلى أن تقدم لخطبتي مهندسا يعمل فى القطاع الخاص .. يبدو عليه الطيبة والصلاح .. ولم أناقشه فى أى شيء .. كل شروطه مجابة .. وكل طلباته وافقت عليها .. كان أشبه بطوق إنقاذ لى .. وبدأت أعيش حياتى لأول مرة معه براحة تامة .. لم أكن أريد إلا مكانا أستغرق فيه فى النوم دون أن أخاف ..ولم اعترض عندما وجدته مثل أبى.... يريدنى سجينة له .. كان مثله يشك حتى فى نفسه .. لكنه كان اختبارا قاسيا لى .. كنت لا أريد أن أسقط كما سقطت أمى .. ولا أريد أن أكون نسخة مكررة منها .. كان على أن أتقن التمثيل ..اظهر له باننى سعيدة بما يريده .. حتى ولو كان ما يريده هوأن أتنازل عن شخصيتى .... ورضيت بذلك .. فأنا لن أعود لأمى مهما حدث .. ولن أفعل مثلها
وتوالت الأيام ثقيلة .. مملة .. مرهقة تسحقنى ساعاتها .. و دقائقها .. الشيء الوحيد الذى كنت أستطيع أن أفعله هو أن أنجب .. أن يكون عندى ما يسد فراغى .... ثلاثة أبناء .. أكلوا عمرى .. وسحقونى كما سحقتنى أيامى..لكننى لاحظت ابتعاد زوجى عنى..اصبح فى دنيا لا أعرف عنها شيئا .. كان الشيء الوحيد الذى أعرفه انه مهندسا حرا.. وأنه يعمل من أجلى ومن أجل أولادى ..وبدأ تأخره فى العوده لمنزله كل ليله يزداد ..وشيئا فشيئا لايعود إلا فى منتصف الليل ....ثم اصبح يتغيب عن منزله .. يوم .. اثنان.... لم يعد هو الذى عرفته زوجا لى .. كل النساء تعرف أزواجها .. تفهم مشاعرهم جيدا ..لقد تحول فجأة إلى رجل لا اعرفه ..تغيرت مشاعره...... لكن كان على أن أوقف عذاباً استمر أكثر من سبع سنوات...
كان على أن أصرخ بما فى داخلى .. أن أعترض.. واعترضت .. ولم أصدقه وهو يحدثنى عن انه تزوج منذ عام ..كانت صدمه هزت كل اركانى.. ليته اكتفى بذلك اغتال انوثتى .. قال عنى إننى تحولت إلى شجرة جميز .. لم يعد يرى فى شيئا واحدا يجذبه إليّ .. كانت كلماته مِطرقة يهوي بها على رأسى .. لم أسمع باقى حديثه .. لم أكن أريد أن يكمل .. أصابنى فى مقتل .. كلماته كانت طعنات حادة مزقتنى...
كان الشيء الوحيد الذى فعلته هو أننى صفعته بكل قوتى.. ولم اعرف ما الذى حدث بعد ذلك ..ضربنى بقسوه .. ودون ان اشعر امسكت "بالمقص" الموجود بجوارى لأضربه بأقصى ما أستطيع.. سالت الدماء من وجهه .... ضربنى اكثر بعنف .. حاول أن يخنقنى بيديه .. ووجدت نفسى أدافع عن بقية حياتى .. كانت يداى تتسابق فى أن تنتقم لانوثتى.. ضربته بعنف فى بطنه وفى كل مكان وصلت يداى اليه .. وازداد هو عنفا و لم أستطع أن أتوقف .. غرزت المقص فى عنقه .. قتلته وأنا أعرف أننى أقتل كل شيء أملكه .. لكنه هو الذى دفعنى إلى هذا ..أهان انوثتى ولن أندم حتى ولو مت شنقا