على مقهى الغروب
جلست عائشة على مقهى الغروب في قرية القصر الصغير المطلة على البحر الأبيض المتوسطي
الوقت كان غروبا والعمر هاربا و المكان غريبا
تأملت الأمواج المرتطمة على الصخور و سماء آخر شهور السنة ،
الأفق يلامس سطح البحرو السحب المتفرقة البيضاء هربت من المكان فتمسكت عائشة بطرف الغيمة وامتطتها لتحلق في الفضاء الواسع فوق غابات الصنوبر وجبالها
العالية والوديان الوعرة المحاذية للبحر حتى وجدت نفسها في مكان موحش عن واقعها بعيدة عن كل العيون كريشة في مهب الريح
سيدتي سيدتي هذا طلبك عصير برتقال
انتبهت اليه ولم تع بعد أين كانت ومتى حلقت
شكرته وارتشفت منه بعض الجرعات وحاولت العودة من جديد
تعذر عليها ذلك ففضلت التأمل فيما هو قريب منها
لفت انتباهها أطلال قصر روماني مازالت بوابته صامدة على الشاطئ قائلة:
سأظل حيث البحر و الرمل شاهدة على عهود مضت متحدية الزمن.
فوق ربوة قريبة كانت بقايا قبو قديم كان للدهر مقاوما للجيوش المحاربة مرحبا ولعابر السبيل مستقبلا للجريح الزاحف محتضنا ومع ذلك مازال قابعا في مكانه صامدا رغم عوامل التعرية وانجراف التربة والزمان ظل للأمواج محاربا للرياح مقاوما لقد علمه من مروا به معنى الصمود و التضحية
هذه المرة كان المنادي ابنها
أمي أمي انتبهت بعدما كانت قابعة في زاوية من زوايا السرداب أجابته
لحظة سأصعد الآن
التزم ابن عائشة الصمت واكتفى بالنظر اليها تحسس جبهتها ظانا أن حرارتها قد ارتفعت وبدأت تهلوس
تجاهل ما سمعه وقال قريبا سيحل الظلام أآمن لنا أن نغادر المكان في اتجاه مدينة طنجة
غير بعيد عن المقهى ميناء طنجة المتوسط وقد بدت أضواءه متلألئة على سطح البحر
وحاويات قد صفت على رصيفه ورافعات سمقت في سمائه وبواخر قد رست وأخرى غادرت
أدارت عائشة وجهها للمكان واتجهت وراء ابنها
الذي كان قد وصل للسيارة دخلت جلست في مقعدها اعتدلت ربطت حزامها لتحلق من جديد مع مغامرة جديدة.
بقلم Fatma Moudaresa